سُؤَالٌ دَائِمًا يُطْرَحُ فِي دَاخِلِي: لِمَاذَا تُقْرَعُ دَائِمًا طُبُولُ الحَرْبِ فِيكَ يَا بَلَدِي لُبْنَان؟ سُؤَالٌ اسْتَجْمَعْتُ لَهُ أَلْفَ جَوَابٍ وَجَوَاب. أَحْيَانًا أَقُولُ إِنَّهُ رُبَّمَا مَخَطَّطٌ لِتَغْيِيرِ هُوِيَّةِ لُبْنَانَ الَّتِي نَشَأَ عَلَيْهَا أَجْدَادُنَا وَأَسْلَافُنَا، ضِمْنَ مَا يُسَمَّى اليَوْمَ بِـ”الشَّرْقِ الأَوْسَطِ الجَدِيد“. وَأَحْيَانًا أُخْرَى أَقُولُ رُبَّمَا هِيَ العِنَايَةُ الإِلَهِيَّةُ الَّتِي تُبْرِقُ لَنَا بِرِسَالَةٍ تُنَبِّهُنَا إِلَى ضَرُورَةِ العَوْدَةِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى السَّلَامِ فِي زَمَنٍ خَفَتَ فِيهِ صَوْتُ المَحَبَّةِ.
المَحَبَّةُ.. مَا هِيَ المَحَبَّةُ؟ لَوْ سَأَلْتُ أَحَدَكُمُ اليَوْمَ، فِي خِضَمِّ هَذِهِ الأَيَّامِ العَصِيبَةِ الَّتِي نَعِيشُهَا وَسَطَ حَرْبٍ ضَرُوسٍ يَشُنُّهَا عَدُوٌّ شَرِسٌ عَلَى أَرْضِنَا المُقَدَّسَةِ، كَيْفَ تُعَرِّفُ المَحَبَّةَ، فَمَاذَا سَتَكُونُ إِجَابَتُكُم؟ أَنَا أُجِيبُكُم وَبِاخْتِصَارٍ: المَحَبَّةُ هِيَ لُبْنَان. وَمَا أَعْظَمَ هَذَا القَوْلَ! فَشَعْبُ لُبْنَانَ مُتَشَبِّثٌ بِأَرْضِهِ لِدَرَجَةٍ جَعَلَتْهُ يَرْبِطُ مَعْنَى المَحَبَّةِ بِبَلَدِهِ.
العِبَارَةُ الشَّهِيرَةُ لِلبَابَا القِدِّيسِ يُوحَنَّا بُولُسَ الثَّانِي عَنْ لُبْنَان: ”لُبْنَانُ أَكْثَرُ مِنْ وَطَنٍ، إِنَّهُ رِسَالَةٌ“، تُشِيرُ إِلَى أَنَّ لُبْنَانَ يُمَثِّلُ نَمُوذَجًا فَرِيدًا لِلتَّعَايُشِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الطَّوَائِفِ وَالأَدْيَانِ، مِمَّا يَجْعَلُهُ رِسَالَةً لِلسَّلَامِ وَالتَّآخِي بَيْنَ الشُّعُوبِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ بَلَدٍ فِي الشَّرْقِ الأَوْسَطِ. وَلَكِنْ سُؤَالِي اليَوْمَ هُوَ: لِمَاذَا تُرِيدُ بَعْضُ الشُّعُوبِ تَدْمِيرَ هَذِهِ الرِّسَالَةِ؟ أَلَمْ تَكْفِهِمِ الحُرُوبُ السَّابِقَةُ الَّتِي دَمَّرَتْ وَهَجَّرَتْ وَأَحْرَقَتْ مُدُنًا وَقُرًى بِمَنْ فِيهَا؟ أَلَمْ تَكْفِهِمْ تَصْفِيَةُ حِسَابَاتِهِمْ عَلَى أَرْضِنَا؟ مَاذَا يُرِيدُونَ؟ هَلْ يُرِيدُونَ لُبْنَانَ الرِّسَالَةَ؟ لَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ سَيَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمَسُّوا شَعْرَةً مِنْ هَذَا البَلَدِ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللهُ وَقْفًا لَهُ.
كَمَا جَاءَ فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ: «وَنَظَرَ مُوسَى إِلَى الشِّمَالِ، نَحْوَ جِبَالِ لُبْنَانَ وَقَالَ: وَهَذَا الجَبَلُ؟ أَجَابَ اللهُ وَقَالَ: أَغْمِضْ عَيْنَيْكَ. هَذَا الجَبَلُ هُوَ وَقْفٌ لِي. لَنْ تَطَأَهُ قَدَمَاكَ لَا أَنْتَ وَلَا الَّذِي سَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكَ». وَأَنَا أَقُولُ لَكُمْ: لَا تَخَافُوا عَلَى لُبْنَانَ، مَا دَامَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا؟! أَكْثِرُوا الصَّلَوَاتِ وَتَضَرَّعُوا إِلَى الرَّبِّ يَسُوعَ الَّذِي وَطِئَتْ قَدَمَاهُ هَذِهِ الأَرْضَ، لَا سِيَّمَا صَيْدَا وَصُورَ، وَجَعَلَهَا أَرْضًا مُقَدَّسَةً أَنْجَبَتْ قِدِّيسِينَ مِثْلَ مَار شَرْبِل، القِدِّيسَةِ رِفْقَا، نِعْمَةِ اللهِ الحَرْدِينِيِّ، وَأُسْطُفَانَ نِعْمَةَ، وَغَيْرِهِمْ.
فِي الخِتَامِ، أَدْعُوكُمْ إِلَى نَشْرِ مَزِيدٍ مِنَ الفِيدْيُوهَاتِ عَنْ لُبْنَانَ وَمَا يَجْرِي فِيهِ، لِتَوْعِيَةِ المُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ بِحَقِيقَةِ مَا يَحْدُثُ عَلَى أَرْضِنَا الَّتِي أَصْبَحَتْ مُسْتَبَاحَةً مِنْ قِبَلِ رُوحِ الشَّرِّ وَعَدُوِّ المَحَبَّةِ. كَمَا أَدْعُوكُمْ أَيْضًا لِنَشْرِ مُحْتَوًى يُبْرِزُ جَمَالَ لُبْنَانَ السِّيَاحِيِّ، لِيَعْرِفَ العَالَمُ قِيمَةَ هَذَا البَلَدِ الصَّغِيرِ بِحَجْمِهِ، وَالكَبِيرِ بِتَارِيخِهِ وَثَقَافَتِهِ وَكِيَانِهِ.
LEAVE A RESPONSE